للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجلاله، وغير ذلك من صفات الربوبية، وبلغ هذه الرتبة، لم يعجبه أحد، ولم يحب إلا الله.

قال: ومهيمنية الصديقين؛ يعني: أمانتهم؛ قال تعالى: {وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} [المائدة: ٤٨]؛ يعني أمينا، ويقال: شاهدًا عليه، وهما متقاربان (١).

وروى الدينوري -أيضًا- عن الأصمعي رحمه الله تعالى، عن بعض الحكماء قال: إن مما يعجل عقوبته، ولا تؤخر؛ الأمانة تُخان، والإحسان يُكفر، والرحم تقطع، والبغي على الناس، وأيما رجل أدَّى أمانة طيباً بها نفسه فهو أحد الصديقين، ومن الأمانة: أن المرأة ائتمنت على فرجها (٢)؛ يعني: إنها إذا وكلت إلى نفسها فعفت، وصانت نفسها عن الفاحشة فهي صديقة، وكأنه مأخوذ من حال مريم عليها السلام؛ فإن الله تعالى أثنى عليها بالإحسان، ثم سماها صديقة.

ولقد توافقت عائشة رضي الله عنها في هذه الفضيلة، وبرَّأَها الله تعالى في كتابه كما برَّأَ مريم عليها السلام.

ومن هنا كان مسروق رحمه الله تعالى إذا حدث عن عائشة رضي الله عنها قال: حدثتني الصديقة بنت الصديق، حبيبة حبيب الله، المبرَّأَة في كتاب الله. كما رواه أبو نعيم (٣)، وغيره.


(١) انظر: "المجالسة وجواهر العلم" للدينوري (ص: ٥٢١).
(٢) رواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم" (ص: ٤٥٥).
(٣) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٢/ ٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>