من ذكر السبعة، والسبعين، والسبع مئة للمبالغة والتكثير، ولكنه - صلى الله عليه وسلم - لما زاد اثنين على عقد السبعين علمنا أن لهذا التقييد بهذا العدد سراً.
وقد ظهر لي في ذلك وجهان:
الأول: أنَّ للناشئ في العلم والعبادة أجر صديق في مقابلة العلم، وأجر صديق في مقابلة العبادة، والسبعون مضاعفة في أجره زائدة على أجر كل عالم وعابد لأنه صابر، ورابَطَ في سائر عمره، وجَاهَدَ نفسه وهواه في كلٍّ.
وقد نطقت نصوص الشريعة بتفضيل طاعة الشاب، فما ظنك ممن دام على ذلك منذ نشأ إلى أن مات؟
وقد روى الحافظ أبو حفص بن شاهين في "الأفراد"، والديلمي عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فَضْلُ الشَّابِّ العَابِدِ الَّذِي تَعَبَّدَ فِيْ شَبَابِهِ عَلَى الشَّيْخِ الَّذِي تَعَبَّدَ بَعْدَ مَا كَبُرَتْ سِنُّهُ كَفَضْلِ الْمُرْسَلِيْنَ عَلَى سَائِرِ النَّاسِ"(١).
الوجه الثاني: أن الناشئ في العلم والعبادة لا يتم له أمر حتى يخالف سائر الفرق المخالفة لما عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الكرام - رضي الله عنهم - في اعتقاداتهم، وأعمالهم المبنية عليها، وهي اثنان وسبعون فرقة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر أن أمته ستفترق ثلاثًا وسبعين فرقة؛ واحدة منها في الجنة، والباقون في النار، وسيأتي لفظ الحديث في محله إن شاء الله تعالى.