للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القيامة تقول: يا رب! مازلت ملازما لبيتي، محاسبا لنفسي، فيقول الله تعالى: صدقت.

ثم قال: هيهات! وأنى يقول صدقت إلا للصديقين (١).

روى أبو نعيم عن سهل بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: أعمال البر يعملها البَر والفاجر، ولا يجتنب المعاصي إلا الصديق (٢).

وعن الأعمش قال: قال لي مطرف بن عبد الله: وجدت الغفلة التي ألقاها الله تعالى في قلوب الصديقين من خلقه رحمة رحمهم بها, ولو ألقى في قلوبهم الخوف على قدر معرفتهم به ما هَنأ لهم (٣) عيش (٤).

وليس في هذا نفي الخوف عنهم، وقد سبق أنَّ من شرطهم ملازمة الحياء والخوف، بل من تمام أخلاقهم أن خوفهم يزيد كما رقوا في مقامهم، ولا يُعتبروا بما هم عليه من الاستقامة، وإن قامت لهم الشواهد بالصدق والنجاح.

نعم، لهم ثبات وشجاعة على الخوف لقوة معرفتهم، ومن ثم كان يغلب الخوف على أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وبقية العشرة


(١) انظر: "الزهد الفائح في ذكر من تنزه عن الذنوب والقبائح" لابن الجزري (ص: ٣٠) مختصراً.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) في "حلية الأولياء": "هنأهم" بدل "هنأ لهم".
(٤) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٢/ ٢١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>