للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في التقرب بالنوافل للحديث؛ فإنَّما كانت من أنواع البر.

غير أنَّ من لطائف أعمال المقربين كثرة السجود مع الفَناء في مشاهدة المعبود لقوله تعالى: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: ١٩].

والحكمة في ذلك أن الصلاة محل المناجاة، وإنما يكون قرب المناجي على قدر تقربه، ولا يتقرب العبد إلى الله تعالى بشيء أبلغ من معرفته، وكلما عرف نفسه بالذل والضعة والافتقار عرف ربه بالعز والرفعة والغنى، ولا شيء في ضعة العبد لنفسه أبلغ من وضع جبهته - وهي من أشرف أعضائه - على الأرض.

وروى مسلم، وأبو داود، والنسائي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَقْرَبُ مَا يَكُوْنُ العَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِد؛ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ" (١).

وروى ابن المبارك عن ضمرة بن حبيب رحمه الله تعالى مرسلاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَا تَقَرَّبَ العَبْدُ إِلَى اللهِ تَعَالَى بِشَيْءٍ أَقْرَبَ مِن سُجُوْدٍ خَفِىٍّ" (٢).

وفي "مسند الشهاب" للقضاعي عن علي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الصَّلاةُ قُرْبَانُ كُلِّ تَقِيٍّ" (٣).


(١) رواه مسلم (٤٨٢)، وأبو داود (٨٧٥)، والنسائي (١١٣٧).
(٢) رواه ابن المبارك في "الزهد" (١/ ٥٠).
(٣) رواه القضاعي في "مسند الشهاب" (٢٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>