للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلذلك قال الله تعالى في السابقين الذين استقاموا على أعمال البر وأفعال الخير: {أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} [الواقعة: ١١]، ولم يقل: "المتقربون"؛ لأن المتقرب أعم من أن يكون سابقاً، أو غير سابق.

وروى أبو نعيم عن عبد (١) الله بن شميط بن عجلان قال: كان أبي يقول: الناس ثلاثة: فرجل ابتكر الخير في حداثة سنه، ثم داوم عليه حتى خرج من الدنيا؛ فهذا مقرب.

ورجل ابتكر عمره بالذنوب، وطول الغفلة، ثم راجع بتوبته؛ فهذا صاحب يمين.

ورجل ابتكر الشر في حداثته، ثم لم يزل فيه حتى خرج من الدنيا؛ فهذا صاحب شمال (٢).

وفي قوله: "وطول الغفلة" إشارة إلى أنَّ من لم يطول الغفلة بأن ألَمَّ بالذنب، ثم تاب من قريب، لا يقصر عن درجة المقربين، وكذلك هو.

وقد علمت مما سبق من التشبه بالمقربين تحصل بالاستقامة على أفعال البر، والسبق إلى الخيرات، وأعمال المقربين هي أعمال الأبرار، لكن مع المداومة والتكرار والاستقامة عليها في السر والإجهار.

وأفضل أعمال المقربين تأدية الفرائض، وهي لازمة للبر، إلا أنها تكون من المقرب أتم وأكمل، ثم يترقون في القربة على مقدار الترقي


(١) في "حلية الأولياء": "عبيد" بدل "عبد".
(٢) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٣/ ١٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>