ثمَّ إنَّ الصلاة من أفراد التقوى، إلا أنه عطفها محطف الخاص على العام اعتناءً بالصلاة التي هي قربان كل تقي، ومن ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ لَمْ تَنْهَهُ صَلاتُهُ عَن الفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ لَمْ يَزْدَدْ مِن اللهِ إِلا بُعْدًا". أخرجه الطبراني في "الكبير" عن ابن عباس - رضي الله عنهما - (١).
فالصلاة إنما تكون قرباناً إلى الله تعالى إذا نهت صاحبها عن الفحشاء والمنكر، وذلك عين التقوى.
ثم عطف على المحافظة على الصلاة غض البصر؛ لأن إطلاق البصر يغرق القلب في مطالعة الأغيار، ثم يوقع العبد في مهاوي الأوزار، وبذلك يصد العبد عن مقام القرب.
واعلم أنَّ كل عمل صالح فهو قربة من الله تعالى إذا صحت فيه النية وخلا عن العجب والمن ورؤية العمل، وذلك حقيقة التقوى، وذلك لا يَعْدُو الفرائض والنوافل المشار إليها في حديث البخاري المتقدم.
ولمن أهم الفرائض الإخلاص في كل عمل، فأما إذا كان العمل مشوباً بإرادة غير الله تعالى فلا يكون صاحبه براً، فضلاً عن أن يكون
(١) رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (١١٠٢٥). قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (٢٢/ ٥): هذا الحديث ليس بثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، كما ذكر الله في كتابه، وبكل حال فالصلاة لا تزيد صاحبها بعداً، بل الذي يصلي خير من الذي لا يصلي وأقرب إلى الله منه، وإن كان فاسقاً.