للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صدِّيقاً مقرَّباً لأنه لم يتقرب في ذلك العمل إلى ذلك الغير؛ قال الله تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: ١١٠].

وقال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} [البقرة: ١٨٦]؛ إذ ضمن السؤال الإرادة والطلب، فمن عمل لغير الله تعالى فإنما سأل وطلب شيئاً من ذلك الغير، فلا يكون الله منه قريباً.

ومعنى الإخلاص والصدق فيه لم يتم التقرب لمقرب حتى لا يرى نفسه أهلاً للقرب.

روى الإمام أحمد في "الزهد" عن مسروق قال: قال رجل عند عبد الله - يعني: ابن مسعود - رضي الله عنه -: ما أحب أن أكون من أصحاب اليمين، أكون من المقربين أحب إلي، قال: فقال عبد الله: لكن هاهنا رجل ود أنه إذا مات لم يبعث؛ يعني: نفسه (١).

ثم إنَّ التقرب إلى الله لا يكون إلا من حيث أمرك، لا من حيث تريد أنت وتستحسن، ومن ثم كان تقرب المشركين بأوثانهم بعداً أوجب لهم لعناً وطرداً كما حكى الله عنهم مشيراً إلى ذم ما هم عليه، فقال: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [الزمر: ٣]، أي: قالوا: ما نعبدهم، وهكذا كان يقرأها ابن عباس كما رواه سعيد بن منصور، وسعيد بن جبير


(١) رواه الإمام أحمد في "الزهد" (ص: ١٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>