ومن حكمته سبحانه وتعالى في هؤلاء إذا ماتوا على ما زعموه قربةً من عبادة الأوثان أنه يحلهم دار الهوان، فإذا قالوا:{رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا}[المؤمنون: ١٠٧] أجابهم بقوله: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ}[المؤمنون: ١٠٨].
ومن هذا القبيل: من تقرَّب إلى الله تعالى بمعصية كالغناء، وضرب الآلة، أو بما لم يكن مشروعًا كمن يتقرب إلى الله تعالى بالسكوت الدائم أو بترك أكل اللحم تحرجاً، أو بسجود غير مشروع، أو بربط نفسه بحبل لئلا ينام؛ فإنَّ ذلك يوجب لمن عمله البعد من حيث يظن بالقرب؛ فإنَّ العبد لا يتم تقربه لسيده إلا بتنفيذ ما يأمره به سيده، سواء وافق مراد العبد، أو خالف مراده.
ولو تقرب إليه العبد بما يريده العبد، ولم يوافق رضى مولاه، لم يكن ذلك تقرباً، بل هو بالتبعد أشبه.
وإذا كان العبد لا تتم له العبودية إلا بالرضى بقضاء المعبود فيما يخص العبد، فكيف تتم له عبوديته بغير الرضا بقضاء المعبود فيما يختص بالمعبود؟
ولا يتحقق قرب العبد من الرب إلا بالتحقق بالعبودية، ولا تتحقق العبودية إلا بالرضا بقضاء المعبود في كل قضية.
وقد روى ابن جهضم عن سهل بن عبد الله رحمه الله تعالى قال: