للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنَّ الله اصطنع إلى أوليائه ثلاث خصال؛ لا يطمعهم من حيث يطمعون، ويشوش عليهم تدبيرهم لأنفسهم، ولا يظفر بهم عدوهم (١).

يريد عز وجل أن لا يرجو غيره، ولا يخافوا سواه؛ لأنه البار بهم، اللطيف الكريم.

والأولياء هم المقربون؛ لأنَّ أصل الولاية القرب، فإذا كان هذا عادة الله في المقربين، فعليهم أن يقطعوا الأطماع في سوى ما يرزقهم، ويدَعوا التدبير لأنفسهم، ويكلوا أمرهم إلى تدبيره لهم، وبذلك يتم قربهم، وتكمل ولايتهم، ولا يحققهم بذلك مثل علمهم بأنَّه أقرب إليهم من حبل الوريد، وأَعْلَم منهم بما يصلحهم؛ كما روى أبو نعيم عن وهب: أنه قرأ في بعض كتب الله: يا ابن آدم! ما أنصفتني؛ تذكر بي وتنساني، وتدعوا إلي (٢) وتفر مني، خيري إليك نازل وشرك إلي صاعد، ولا يزال ملك كريم قد نزل إليك من أجلك، ولا يزال ملك لهم (٣) قد صعد إلي منك بعمل قبيح.

يا ابن آدم! إن أحب ما تكون إلي، وأقرب ما تكون مني إذا كنت راضياً بما قسمت لك، وأبغض ما تكون إلي، وأبعد [ما تكون مني إذا


(١) ورواه الرافعي في "التدوين في أخبار قزوين" (١/ ٣٩٦) لكن عن أبي علي الدقاق.
(٢) في "حلية الأولياء": "وتدعوني" بدل "وتدعو إلي".
(٣) في "حلية الأولياء": "كريم" بدل "لهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>