للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإِنْ أتَيْتَنِي تَمْشِي أتيْتُكَ أُهَرْوِل" (١).

واعلم أنَّ التقرب ذراعاً أو باعاً، والهرولة في الحديثين ليس المراد بهما قرب المسافة، ولا الحركة؛ فانَّ الله تعالى منزه عن ذلك، ولكنه على سبيل التمثيل والتقريب، والتعبير عن سرعة ظهور الفضل من الله تعالى، والإحسان على العبد في مقابلة إقباله على الله تعالى، وتقربه منه سبحانه بأبلغ عبارة، وأوضحها في تأدية المقصود.

وفي "حلية أبي نعيم" عن ابن أبي الحواري: حدثني إسحاق بن خلف، قال: مرَّ عيسى بن مريم عليهما السلام بثلاثة من الناس قد نحلت أبدانهم، وتغيرت ألوانهم، فقال: ما الذي بلغ بكم ما أرى؟ قالوا: الخوف من النيران، قال: مخلوقاً خِفتم، وحقاً على الله أن يؤمن الخائف.

ثم جاوزهم إلى ثلاثة فإذا هم أشد تغير ألوان، وأشد نحول أبدان، فقال: ما الذي بلغ بلغكم ما أرى؟ قالوا: الشوق إلى الجنان، فقال: مخلوقاً اشتقتم، وحقاً على الله أن يعطيكم ما رجوتم.

قال: ثم جاوزهم إلى ثلاثة آخرين، فإذا هم أشد نحول أبدان، وأشدُّ تغير أبدان، [كأن على وجوههم المرآة من النور] فقال: ما الذي بلغكم ما أرى؟ قالوا: الحب لله، قال: أنتم المقربون، أنت المقربون (٢).


(١) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٣/ ١٣٨). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (١٠/ ٧٨): رجاله رجال الصحيح.
(٢) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٩/ ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>