للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بما أكرمتني لا أسألك إلا نفسي، لا أسألك مريم والدتي، ومحمد - صلى الله عليه وسلم - يقول: "أمتي أمتي، لا أسألك اليوم نفسي، [إنما أسألك اليوم أمتي] "، فيجيبه الجليل جل جلاله: "إنَّ أوليائي من أمتك لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، فوعزتي [وجلالي] لأقرن عينك في أمتك"، ثم تقف الملائكة بين يدي الله ينتظرون ما يؤمرون (١).

ففي هذا الأثر، والذي قبله تقييد الملك بوصف التقريب، والأنبياء بوصف الرسالة إشارة إلى أنَّ غيرهم أولى بأن يرتاع لهذا الهول العظيم.

وفي أثر كعب تبشير لأهل القربة من هذه الأمة - وهم الأولياء - بأن لا خوف عليهم إذ ذاك ولا حزن.

وجعل الأستاذ أبو طالب المكي المقربين في قوله: {يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ} [المطففين: ٢١]، وفي قوله: {يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ} [المطففين: ٢٨] بمعنى واحد، وفسرهم في الآيتين بالمحبين لله تعالى، الذين أخلصوا وجودهم لله حقاً، فيعبدونه حقاً لأجله صرفاً، فنعيمهم في الجنة صرف.

قال: {وَمِزَاجُهُ}؛ يعني: مزاج شراب الأبرار {مِنْ تَسْنِيمٍ (٢٧) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ} [المطففين: ٢٧، ٢٨] [أي: يشربها المقرَّبون] صرفاً، وممزوجاً لأصحاب اليمين، فما طاب شراب الأبرار إلا بمزاج من شراب المقربين.


(١) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٥/ ٣٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>