للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحسن: أشدهم للدنيا تركاً.

وقال سفيان: أزهدهم في الدنيا. رواها ابن أبي حاتم (١).

فسر قتادة العمل بالباعث عليه وهو تمام العقل، وفسره الحسن وسفيان بما يعين على العمل وهو الزهد، وترك الدنيا كأنهم يشيرون إلى أن العمل المعتد بحسنه ما كان ناشئًا عن العقل التام غير مشوب بمطلوب دنيوي، وكلما كان عقل العامل أتم، وإخلاصه أبلغ كان أحسن.

وحسن العمل هو ما يحبه الله من العباد، وإنما خلق زينة الدنيا وامتحن الخلق بها، وخلق الموت منغصًا والحياة جميلة؛ ليظهر تفاوت العباد في العبادة والعمل الصالح، فاستظهار الأخيار، وتمييز الخيار هو مقصود الله تعالى من الخلق.

وروى ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والحاكم في "تاريخه" عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية: {لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الكهف: ٧]، فقلت: ما معنى ذلك يا رسول الله؟ قال: "لِنَبْلُوَهُمْ أيَّهُمْ أَحْسَنُ عَقْلًا، وأَوْرَعُ عَن مَحَارِمِ اللهِ، وأَسْرعُ فِي طَاعَةِ اللهِ - عز وجل - " (٢).

وأقول ملمحاً بما سبق: [من السريع]


(١) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (٥/ ٣٦١).
(٢) رواه الطبري في "التفسير" (١٢/ ٥)، وابن أبي حاتم في "التفسير" (٦/ ٢٠٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>