للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأشقياء لا يرغبون فيما سعد به الأخيار قبلهم فيبعدون عن الأمر الذي شقي به من كان قبلهم.

واعلم أن العبد لا يكون من خير الناس وهو يشهد الخيرية من نفسه.

قال الله تعالى: {هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم: ٣٢].

قال القاضي ناصر الدين في تفسير قوله تعالى: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: ٣٢]: فلا تثنوا عليها بزكاء العمل وزيادة الخير، أو بالطهارة عن المعاصي والرذائل (١).

روى مسلم، وغيره عن محمد بن عمرو بن عطاء قال: سميت ابنتي بَرَّةَ، فقالت لي زينب بنت أبي سلمة - رضي الله عنها وعن أبويها -: إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن هذا الاسم؛ سُمِّيت بَرَّةَ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُزكُّوْا أَنْفُسَكُمْ، اللهُ أَعْلَمُ بِأَهْلِ البِرِّ مِنْكُم"، فقالوا: بما نسميها؟ قال: "سَمُّوْهَا زيْنَب" (٢).

قال في "الكشاف": وهذا إذا كان على سبيل الإعجاب والرياء، فأما من اعتقد أنَّ ما عمله من العمل الصالح من الله وبتوفيقه وتأييده، ولم يقصد به الإعجاب والتمدح، لم يكن من المزكين أنفسهم لأن المسرة في الطاعة طاعة، وذكرها شكر، انتهى (٣).


(١) انظر: "تفسير البيضاوي" (٥/ ٢٥٨).
(٢) رواه مسلم (٢١٤٢).
(٣) انظر: "الكشاف" للزمخشري (٤/ ٤٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>