للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن شر الناس فيتأول أو يؤول له الدخول على الملوك، أو مخالطة التجار أو معاشرة الفجار، فإذا هو قد مُكِر به، فينقلب خيره شراً، أو يرجع يداه منه صِفراً، ولما كان أعظم وجوه التأويل في معاشرة الأشرار قصد نصحهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر رخصَ الشارع - صلى الله عليه وسلم - في ترك ذلك - كان كان في الأصل فرضاً - وذلك من باب ترك ما هو أدون الخيرين لتحصيل أعظمهما وخيرهما كما سبقت الإشارة إليه.

روى الإمام أحمد، وابن ماجه، والبيهقي في "الشعب" عن أنس - رضي الله عنه - قال: قيل: يا رسول الله! متى يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ قال: "إِذَا ظَهَرَ فِيْكُم مَا ظَهَرَ فِي بَنِي إِسْرَائِيْلَ قَبْلَكُم"، قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: "إِذَا كَانَ الادِّهانُ فِي خِيَارِكْم، وَالفَاحِشَةُ فِي كِبَارِكُم (١)، وَتَحوَّلَ الْمُلْكُ فِي صِغَارِكُم وَالفِقْهُ - وفي رواية: والعِلْمَ - فِي رِذالِكُمْ" (٢).

وفي معنى حديث أنس - رضي الله عنه - حديث أبي أُمَيَّةَ الشَّعْبَانِيِّ رحمه الله قال: أتيت أبا ثعلبة الخشني - رضي الله عنه - فقلت له: كيف تصنع بهذه الآية؟ قال: أية آية؛ قلت: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ


(١) في "شعب الإيمان": "شراركم" بدل "كباركم".
(٢) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٣/ ١٨٧)، وابن ماجه (٤٠١٥)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (٧٥٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>