للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من الغيبة، وإنما هو منصوص عليه في الحديث والأثر.

ووجهه أن لم ميتة يُباح للمضطر بخلاف الغيبة؛ فإنَّ أكل لحم الميتة ذنب بين العبد وبين الله تعالى، فهو من ظلم النفس الذي يُرجى أن يغفر، والغيبة بين العبد وبين أخيه فهو من المظلمة التي لا تترك.

ومن وجه من جعلها صغيرة لكثرة دورانها على الألسنة وتنازع ألسنة الناس إليها.

يرد عليه أنَّ الناس قد تنازعت ألسنتهم إلى التقاذف والفتن، ولا قائل بأنَّ ذلك صغيرة، ولا بأنَّ ذلك يصير بالتهافت فيه صغيرة (١).

وروى عبد الرزاق، والطبراني في "الكبير" عن نوفل بن معاوية، عن أبيه - رضي الله عنه -: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لأَنْ يُوتَرَ أَحَدُكُم أهلَهُ وَمَالَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَفُوتَهُ وَقْتُ صَلاةِ العَصْرِ" (٢)؛ أي: ولم يُصَلِّها.

ويقال: وتره ماله - بالمثناة -: إن نقصه إياه.

والمعنى: إنَّ نقصان مال المرء وأهله خير له من فوات الصلاة؛ لأنَّ في نقصان المال والأهل ثواب الصبر، واحتمال مشقة البلاء، ثم قد يجمع شمله بهم في الآخرة بخلاف فوات الصلاة؛ فإنَّ فيه فوات ثوابها ولا عوض منه.


(١) قد أحسن المصنف رحمه الله في إيراده هذا التنبيه القيم.
(٢) رواه عبد الرزاق في "المصنف" (٢٢٢٠)، والطبراني في "المعجم الكبير" (١٩/ ٤٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>