للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدنيا كما قال موسى عليه السلام: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص: ٢٤]، وخير الآخرة.

بل قد أمرنا بالدعاء، والدعاء لا ينبغي أن يكون إلا بالخير بدليل قوله تعالى: {وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ} [الإسراء: ١١]؛ عاب على من يطلب من الله الشر كما يطلب منه الخير.

ومن ثم قد يُستجاب لمن دعا على ولده أو ماله بالشر عقوبة لطيشه وعجلته، وليس ذلك من باب الإحسان والفضل.

ومن هنا تفهم معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - في دعاء الاستفتاح المروي في "صحيح مسلم" وغيره: "وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ، وَالْشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ" (١)؛ أي: ليس ينبغي أن يكون متوجهاً طلبه إليك؛ أي: لا ينبغي أن يُطلب منك.

ويكون تقديره: ليس مطلوباً إليك؛ فإنهم يقولون: طلبت إليك؛ أي: رغبت.

ومنه قول أبي الأسود الدؤلي رحمه الله: [من الكامل]

وَإِذا طَلَبْتَ إِلَىْ لَئِيْمٍ (٢) حاجَةً ... فَلِقاؤُهُ يَكْفِيْكَ وَالتَّسْلِيْمُ

وعندي أنَّ هذا أحسن ما يؤول به الحديث.


(١) رواه مسلم (٧٧١) عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.
(٢) كذا في "م" و "ت"، ولعله: "كريم".

<<  <  ج: ص:  >  >>