للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للواقع كما هو عند الله تعالى بلا محالة، فخبره - صلى الله عليه وسلم - قائم مقام العيان، وأتم منه؛ إذ يمكن في المعاينة أن يحول بين المعاين وبين إدراكه الشيء على ما هو عليه حائل ما؛ كالغفلة المُكَدِّرة لإدراكه بنحو إفراط فرح أو تَرح، أو جوع أو عطش أو نعاس أو فتور أو مرض أو غلبة خلط أو غير ذلك، وهذا محال - أي: تكدير الإدراك بشيء من ذلك - في حقه - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنه معصوم، ولذلك قال تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: ٨٠]، ولأن قلبه لم يكن لينام - وإن نامت عيناه -، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "يَا عَائِشَةُ إِنَّ عَيْنَيَّ تَنامانِ وَلا يَنامُ قَلْبِيْ". رواه الشيخان (١).

وروى أبو نعيم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: حضرت عصابة من اليهود يوماً النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال لهم: "أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ الَّذِيْ أَنْزَلَ التَّوْراةَ عَلَىْ مُوْسَىْ عَلَيْهِ السَّلامُ: هَلْ تَعْلَمُوْنَ أَنَّ هَذا النَّبِيَّ تَنامُ عَيْناهُ، وَلا يَنامُ قَلْبُه؟ قالُوْا: اللَّهُمَّ نعمْ، قالَ: "اللَّهُمَّ اشْهَدْ" (٢).

وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إِني لأَنْظُرُ إِلَىْ ما وَرائِيْ كَما أَنْظُرُ إِلَىْ ما بَيْنَ يَدَيَّ".

رواه الحاكم، وغيره عن أبي هريرة - رضي الله عنه - (٣)، وأصله في "الصحيحين" (٤).


(١) رواه البخاري (١٩٠٩)، ومسلم (٧٣٨) عن عائشة.
(٢) رواه الإمام أحمد في "المسند" (١/ ٢٧٨)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (٤/ ٣٠٥)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (٦/ ٢٦٧).
(٣) رواه الحاكم في "المستدرك" (٨٦١)، والإمام أحمد في "المسند" (٢/ ٥٠٥).
(٤) رواه البخاري (٤٠٩) بلفظ: "إنىِ لأَرَاكُمْ من وَرَائِي كما أَرَاكُمْ"، ومسلم=

<<  <  ج: ص:  >  >>