وقد انتهى الكلام على الحكمة والتشبه بالحكماء، وقد علمت أنه داخل في التشبه بالأنبياء عليهم السلام.
وقد استغنينا بذلك عن عقد باب أو فصل للتشبه بالحكماء.
واعلم أن التشبه بالأنبياء والحكماء والصديقين والشهداء في هذا الزمان في غاية العزة والقلة لا يكاد يتفق أصلًا، وإن اتفق وقوعه في كل قرن أو قريب منه من أحد فإنه يكون غريبا.
وعلى كل حال فالخير في هذه الأمة لا ينقطع ببركة نبيها - صلى الله عليه وسلم - وإن أكثر الخبث، ولكن يتضاعف أجر التمسك بالدين في هذه الأحايين أضعافًا كثيرة.
وقد روى الترمذي، وابن ماجه، وغيرهما عن أبي أمية الشَّعباني قال: سألت أبا ثعلبة الخشني - رضي الله عنه - قال: قلت: يا أبا ثعلبة! كيف تقول في هذه الآية: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ}[المائدة: ١٠٥]؟ " قال: أما والله لقد سألت عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ائتمِرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَوْا عَنِ الْمُنْكَر حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مَطَاعًا، وَهَوًى مُتَّبَعًا، وَدنْيَا مُؤْثَرَةً، وإِعْجَابَ كُلِّ في رَأْيٍ بِرَأْيِهِ، فَعَلَيْكَ بِنَفْسِكَ وَدع عَنْكَ العَوَامَّ؛ فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَبْر، الصَّبْرُ فِيْهِنَّ مِثْلُ القَبْضِ عَلَى الْجَمْرِ، لِلعَامِلِ فِيْهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ