للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدعوة وتبليغ الرسالة.

وأيضاً فإن أرواح الأنبياء عليهم السلام سارحة في مطالعة العالم العلوي، طائرة إلى مشاهدة الملكوت الحقيقي، منجذبة مع تجلياتها مَأخُوذة في تملياتها وتروحاتها، ثم هم مطالبون بتبليغ ما يوحى به إليهم إلى البشر، ولا يمكنهم ذلك إلا بالتخلق بأخلاق البشر، ومن ثم لم تكن الملائكة رسلاً إلى عموم البشر؛ قال تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا} [الأنعام: ٩].

وأما الأنبياء عليهم السلام ففيهم روحانية كاملة بها صلحوا للتلقي عن الملائكة عليهم السلام وعن الله تعالى بلا واسطة تارة أخرى، وفيهم إنسانية كاملة بها خالقوا سائر البشر وبها صلح البشر للتلقي عنهم للمجانسة والازدواج الذي بينهم، ولا نشك أن من تمام تخلق الأنبياء عليهم السلام بأخلاق البشر المناكحة التي تحصل بين الزوجين.

وإذا تأملت وجدت أنه كان في كثرة أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - تكميلاً للدين؛ إذ حُمل عنهنَّ من الأحكام ما لا يحمل عن غيرهن مما يحتاج إليه العبد في تمام دينه من معاشرة أهله.

الفائدة الخامسة: تفريغ القلب عن تدبير المنزل، وإصلاح أمر المأكل، وتهيئة سائر أسباب المعيشة، والإعانة على قِرى الضيف ونظم المروءة.

ولقد قيل: ما أعان على نظم مروءات الرجال كالنساء الصوالح (١).


(١) رواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم" (ص: ٢٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>