للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصححه، والبيهقي من حديث يزيد بن أسد - رضي الله عنه - (١).

بل في "الصحيحين" من حديث أنس - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّىْ يُحِبَّ لأَخِيْهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ" (٢)، فيعامل سائر الناس بما يُعامل به أهله من محاسن الأخلاق لأنه يراهم كأهله، ألا ترى أنه وإياهم من أب واحد وأم واحدة، وكأنه أنزل أهله منزله نفسه، ثم أنزل إخوانه من الناس منزلة أهله، ومن ثم لم يطلب الأنبياء عليهم السلام أجراً من أممهم وتبرؤوا من طلب الأجر واستدلوا بذلك على صدق نصيحتهم، ولا يتم النصح والإحسان إلا بذلك، وإلا كان من ينصح الناس ويعلمهم ويرفق بهم لعوض أو غرض مؤثِراً لنفسه عليهم محباً لنفسه ما لا يحب لهم عاملاً لنفسه لا لهم، ناظراً إلى نفسه لا إليهم؛ فافهم!

ومن ثم أُلحق العالم المنزه عن الطمع المخلص في التعليم بالمرسلين، والعالم المتطلع إلى طمع والمتعرض لغرض بالمجرمين في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "عُلَمَاءُ هَذِهِ الأُمَّةِ رَجُلاَنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ عِلْمًا فَبَذَلَهُ لِلنَّاسِ وَلَمْ يَأْخُذْ عَلَيْهِ طَمَعًا وَلَمْ يَشْتَرِ بِهِ ثَمَنًا، فَذَلِكَ يَسْتَغْفِرُ لَهُ حِيْتَانُ اليَمِّ، وَدَوَابُّ البَرِّ، وَالطَّيْرُ فِيْ جَوِّ السَّمَاءِ، وَيَقْدُمُ عَلَى اللهِ سَيِّداً شَرِيْفًا حَتَّى يُرَافِقَ الْمُرْسَلِيْنَ.


(١) رواه البخاري في "التاريخ الكبير" (٨/ ٣١٧)، وأبو يعلى في "المسند" (٩١١)، والطبراني في "المعجم الكبير" (٢٢/ ٢٣٨)، والحاكم في "المستدرك" (٧٣١٣)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (١١١٢٩).
(٢) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>