للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ: بَينِي وَبَينَهُ وادٍ لا يُخاضُ.

قالَ: فَكَيفَ تَعْبُرُهُ؟

قالَ: أَمْشِي عَلَيهِ ذاهِباً وَأَمْشِي عَلَيهِ جائِياً.

قالَ: انْطَلِقْ بِنا فَلَعَلَّ الَّذِي ذَلَّلَهُ لَكَ يُذَلِّلُهُ لَنا.

فَانْطَلَقا حَتَّى انتُهَيا فَمَشَيا جَمِيعاً عَلَيهِ كُل واحِدٍ مِنْهُما يَعْجَبُ مِن صاحِبِهِ، فَلَمَّا دَخَلا المغارَةَ فَإِذا بِقبْلَتِهِ قِبْلَةِ إِبْراهِيْمَ قَالَ لَهُ إِبْراهِيمُ: أَيُّ يَوْمٍ خَلَقَ اللهُ - عز وجل - أَشَدُّ؟

قالَ الشَّيْخُ: ذَاكَ اليَوْمُ الَّذِيْ يَضَعُ كُرْسيِّهُ لِلْحِسابِ، يَوْمَ تُسَعَّرُ جَهَنَّمُ لاَ يَبْقَى مَلكٌ مُقَرَّبٌ وَلا نبِيٌّ مُرْسَلٌ إِلا خَرَّ تُهِمُّهُ نَفْسُهُ.

قالَ لَهُ إِبراهِيمُ: ادْعُ اللهَ يَا شَيْخُ أَنْ يُؤَمِّنَنِي وَإِيَّاكَ مِنْ هَوْلِ ذَلِكَ اليَوْمِ.

قالَ الشَّيْخُ: وَمَا تَصْنَعُ بِدُعَائِي وَلِي فِي السَّماءِ دَعْوَةٌ مَحْبُوْسَةٌ مُنْذُ ثَلاَثِ سِنِيْنَ؟

قالَ إِبْرَاهِيْمُ: أَلا أُخْبِرُكَ ما حَبَسَ دُعَاءك؟

قالَ: بَلَى.

قالَ إِنَّ اللهَ - عز وجل - إِذا أَحَبَّ عَبْداً احْتَبَسَ مَسْأَلتهُ يُحِبُّ صَوْتَهُ، ثُمَّ جَعَلَ على كُلِّ مَسأَلَةٍ ذُخْراً لا يَخْطُرُ على قَلْبِ بَشَرٍ، وإِذَا أَبْغَضَ اللهُ عَبْداً عَجَّلَ لَهُ حَاجَتَهُ، أو ألقَى الإِياسَ فِي صدره لِيَقْبِضَ صَوْتَهُ، فَمَا دَعْوَتُكَ الَّتِي هِيَ فِي السَّمَاء مَحْبُوْسَةٌ؟

قالَ: مَرَّ بِي هاهنا شَابٌّ فِي رَأْسِهِ ذؤابةٌ مُنْذُ ثَلاَثِ سِنِيْنَ وَمَعَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>