للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيوب عليه السلام بذهاب المال والأهل والولد، فلم يبقَ له شيء، أحْسَنَ الذكر والحمد لله رب العالمين، ثم قال: أحمدك رب الأرباب الذي أحسنت إليَّ، أعطيتني المال والولد فلم يبقَ شعبةٌ من قلبي إلا قد دخله ذلك، فأخذت ذلك كله وفرَّغت قلبي، فليس يحول بيني وبينك شيء، فمن ذا يُعطيه المال والولد فلا يشغله حب المال والولد عن ذكرك؛ لو يعلم عدوي إبليس بالذي صنعت إليَّ حسدني.

قال: فلقي إبليس من هذه شيئا منكراً (١).

وعن عوسجة العقيلي رحمه الله قال: أوحى الله تعالى إلى عيسى ابن مريم عليهما السلام: يا عيسى بن مريم! أنزلني من نفسك كَهَمِّك، واجعلني ذخراً لك في معادك، وتقرب إليَّ بالنوافل أُدْنِكَ، وتوكل عليَّ أَكْفِكَ، ولا تولِّ غيري فأخذلك، واصبر على بلائي، وارض بالقضاء وكن كمسرتي فيك؛ فإنَّ مسرَّتي فيك أن أُطاع فلا أُعصى، وكُن مني قريباً، وأَحْيِ لي ذكراً بلسانك، ولتكن مودتي في صدرك تيقظ لي من ساعات الغفلة، وأحكم لي لطف الفطنة، وكُن لي راغباً وراهباً، وأَمِتْ قلبك بالخشية لي، وراعِ الليل بتحزي مسرتي، وأظمئ لي نهارك لليوم الذي عندي، نافس في الخيرات جهدك، ولتعرف بالخير أينما توجهت، واحكم في عبادي بالنصيحة، وأقم في الخلائق بعدلي، فقد أنزلت عليك شفاءً من وساوس الصدور، ومن مرض الشيطان، وجلاءً للأبصار ومن عشا الكلال، ولاتكُ كأنك


(١) رواه أَبو نعيم في "حلية الأولياء" (٥/ ٢٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>