للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثل هذه الحالة، فليس للمضطر في استحكام البلاء أنفع منه.

وروى ابن جرير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قول أيوب عليه السلام: {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [الأنبياء: ٨٣]، أنه لمَّا مسَّه الضر أنساه الله الدعاء أن يدعوه، فيكشف ما به من الضر غير أنه كان يذكر الله كثيراً، فلا يزيده البلاء في الله إلا رغبة وحسن إيقان، فلما انتهى الأجل وقضى الله أنه كاشف ما به من ضُر أَذِنَ له في الدعاء ويسره له، وكان قبل ذلك يقول تبارك وتعالى: لا ينبغي لعبدي أيوب أن يدعوني ثم لا أستجيب له، فلما استجاب له وأبدله بكل شيء ذهب له ضعفين رد الله أهله ومثلهم معهم، وأثنى عليه فقال: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص: ٤٤] (١).

وروى الطبراني في "الأوسط"، و"الصغير"، والخرائطي في "كتاب الشكر" عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أَلا أُعْلِّمُكَ الكَلماتِ التَي تَكَلمَ بِها مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ حِيْنَ جاوَزَ البَحْرَ بِبَنِي إِسْرائِيْلَ؟ " فقلت: بلى يا رسول الله، قال: "قُوْلُوا: اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ وَإِلَيْكَ المُشْتكى وَأَنْتَ المُسْتَعانُ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللِه العلِيِّ العَظِيمِ".

قال عبد الله: فما تركتهن منذ سمعتهن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

قال شقيق: فما تركتهن منذ سمعتهن من عبد الله.


(١) رواه الطبري في "التفسير" (١٧/ ٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>