وكما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما دعا إلى الهدى والصراط المستقيم حتى سلكه ودرج عليه عملاً بقوله تعالى:{فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ}[هود: ١١٢] , وليكون ذلك أَدعى للنَّاس للاتباع، وأَبعث لهم على سلوك الطريق الذي يدعو إليه؛ لأن من دُعي إلى طريق يطمئن قلبه إلى سلوكها إذا وجد الداعي قد سلكها ما لا يطمئن إليه قلبه لو وجد الدَّاعي غير دارج عليها ولا سالك فيها، ولذلك قال تعالى:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}[الأحزاب: ٢١]، فكذلك الشَّيطان ما أَمر بخصلة إلا كان قد نازلها وعمل بها ليكون ذلك أبلغ في الإغواء والاستزلال، ولأن بُرْقُعَ الحياء قد ارتفع عن الشَّيطان وزال.
و"إن ممَّا أدركَ الناسُ مِنْ كلامِ النُّبوةِ الأُولى: إذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنع مَا شِئْتَ"، كما في الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن حذيفة.
وهو والبخاري، وأبو داود، وابن ماجه عن أبي مسعود البدري - رضي الله عنه - (١).
وبمقتضى ذلك فلا يعصي العبد بمعصية - قلَّت، أو جلَّت - إلا كان