الجد، ومنعه العماد بن يونس وغيره جاعلين اختلاف الجنسيَّة من موانع النكاح لقوله تعالى:{وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا}[النحل: ٧٢]، ومشى عليه شيخ الإسلام الوالد، وهو المعتمد، ونص على ذلك جماعة من الحنابلة، وبعض الحنفية.
وحكم تزويج المرأة الإنسية الجني كذلك، وفيه محذور آخر لأنه يفتح باب البغي على النساء - خصوصاً من لا ولي لها - حتى لو حملت لقالت: إن زوجي جني.
وأما ما رواه ابن عدي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَحَدُ أَبَوَيْ بَلْقِيسَ كَانَ جِنِّيًّا"(١)، فلا حجة فيه - إن صح الحديث - لأنهم كانوا كفاراً يعبدون الشمس.
ولو كان ذلك جائزاً في شرع بعض الأنبياء عليهم السلام لقلنا: إنه منسوخ بشرعنا، أو: ليس بشرع لنا.
ولا كلام في أنه لا يجوز التشبه بكفرة الجن، ولا بفسقتهم، وقد علمت أن الله تعالى ذم إبليس بتشبهه بالجن الذين كانوا قبل خلق آدم في الأرض، فعتوا وكفروا على أحد القولين في قوله تعالى:{وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ}[البقرة: ٣٤]، وفي قوله تعالى:{كَانَ مِنَ الْجِنِّ}[الكهف: ٥٠].
ويلوح لي في هذه الآية أنها واردة على طريقة العرب في قولهم
(١) رواه ابن عدي في "الكامل في الضعفاء" (٣/ ٣٧٢). وقد تقدم لكن لم يعزه هناك لابن عدي.