للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: ١٣] قَالُوا: وَلا بِشَيْءٍ مِنْ آلائِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ، فَلَكَ الْحَمْدُ" (١).

وروى البزار، والدارقطني في "الأفراد"، والخطيب في "التاريخ" بسند صحيح، عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ سورة الرحمن على أصحابه، فسكتوا، فقال: "مَا لِيْ أَسْمَعُ الْجِنَّ أَحْسَنَ جَوَابًا مِنْكُم؟ مَا أتَيْتُ عَلَى قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: ١٣] إِلاَّ قَالُوا: وَلا بِشَيءٍ مِنْ آلائِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ، فَلَكَ الْحَمْدُ" (٢).

والذي يترجح عندي الاحتمال الثاني؛ لأن في التشبه بالصالحين من البشر غنية عن التشبه بهم، ولأنهم مستورون عنا، ولذلك سموا جناً - كما علمت - فلا يتحقق الأخذ عنهم.

ومن ثم أفتى شيخ الإسلام الوالد رحمه الله تعالى بأن الجماعة لو تمت أربعين بِجِنِّيٍّ لا تصح الجمعة لعدم تحققنا الذكورة فيه، والحرية، والحضور، والصحة - وإن كان التكليف يعم الفريقين - كما احتج به القمولي في إجازته لنكاح الجنية، واختاره شيخ الإسلام


(١) رواه الترمذي (٣٢٩١) وقال: غريب، والحاكم في "المستدرك" (٣٧٦٦)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (٢/ ٢٣٢).
(٢) رواه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (٤/ ٣٠١). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٧/ ١١٧): رواه البزار عن شيخه عمرو بن مالك الراسبي، وثقه ابن حبان، وضعفه غيره، وبقية رجاله رجال الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>