للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر الأستاذ أبو القاسم القشيري هذه القصة على خلاف هذا الوجه.

وروى ابن أبي الدنيا في كتاب "الصمت" عن طارق بن شهاب قال: بعث سليمان بن داود عليهما السلام بعض عفاريته، وبعث نفراً ينظرون ما يقول، ويخبرونه، فأخبروه أنه على السوق، قال: فرفع رأسه إلى السماء، ثم نظر إلى الناس، وهز رأسه، فسأله سليمان: لِمَ فعل ذلك؟ قال: عجبت من الملائكة على رؤوس الناس ما يكتبون، ومن الذين أسفل منهم ما أسرع ما يملون (١).

فهذه الآثار ونظائرها تدل على أن في الجن أخياراً، وأبراراً، وعارفين، ومقربين، وحكماء، ومكاشفين، وأن لهم مناصحات لأخيار بني آدم، ومكاشفات.

والنظر الآن في أنه هل يشرع التشبه بهم، أو لا؟

احتمالان.

وقد يستدل للأول بما رواه الترمذي، والحاكم وصححه، والبيهقي في "الدلائل"، وغيرهم عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أصحابه فقرأ عليهم سورة الرحمن من أولها إلى آخرها، فسكتوا، فقال: "مَا لِيَ أَرَاكُمْ سُكُوتاً؟ لَقَدْ قَرَأْتُهَا عَلَى الْجِنِّ لَيْلَةَ الْجِنِّ فَكَانُوا أَحْسَنَ مَرْدُودًا، مِنْكُمْ، كُنْتُ كُلَّمَا أَتَيْتُ عَلَى قَوْلهِ تَعَالَى:


(١) رواه ابن أبي الدنيا في "الصمت وآداب اللسان" (ص: ٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>