للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَاجٍ مِنْهُمَا} [يوسف: ٤٢]؛ يعني: لساقي الملك، وهو أحد الفتيين اللذين استفتياه فيما رأياه في منامهما: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ} [يوسف: ٤٢].

قال ابن عباس - رضي الله عنهما -قال البغوي: وعليه الأكثرون -: أنسى الشيطان يوسف ذكر ربه حتى ابتغى الفرَج من غيره، واستعان بمخلوق، وتلك غفلة عرضت ليوسف من الشيطان (١).

واستشكل هذا بعضهم بأن الشيطان ليس له على الأنبياء عليهم السلام سلطنة، فكيف يضاف نسيان يوسف عليه السلام إلى الشيطان؟

وأجيب بأن الأنبياء عليهم السلام إنما يعصمون عن النسيان فيما يبلغون عن الله تعالى فقط، وأمَّا في غيره فإذا وقع النسيان منهم حيث يحذر وقوعه فإنه ينسب إلى الشيطان إطلاقاً، وذلك فيما يخبر الله عنهم، ولا يجوز لنا نحن ذلك.

قال القرطبي: ونظير ذلك قول يوشع بن نون: {وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَه} [الكهف: ٦٣]، فنسب نسيانه لذكر الحوت لموسى عليه السلام إلى الشيطان (٢).

والتحقيق في هذه المسألة: أن تسليط الشيطان على الأنبياء فيما يؤثر في طبائعهم أو في أجسادهم من غير أن يزحزحهم عن الثبات


(١) انظر: "تفسير البغوي" (٢/ ٤٢٨).
(٢) انظر: "تفسير القرطبي" (١٣/ ١١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>