وروى ابن أبي شيبة، وعبد الله ابن الإمام أحمد في "زوائد الزهد"، وهؤلاء عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: أوحى الله تعالى إلى يوسف عليه السلام: من استنقذك من القتل حين هم إخوتك أن يقتلوك؟
قال: أنت يا رب.
قال: من استنقذك من الجُبِّ إذ ألقوك فيه؟
قال: أنت يا رب.
قال: من استنقذك من المرأة إذ هممت بها؟
قال: أنت يا رب.
قال: فما لك نسيتني وذكرت آدمياً؟
قال: جزعاً، وكلمة تكلم بها لساني.
قال: فَوَعِزَّي لأخلِّدنك في السجن بضع سنين، فلبث فيه سبع سنين (١).
بيَّنَ في هذا الحديث وجه مؤاخذة يوسف عليه السلام، وهو عدم مطالعته هذه النعم ومراجعته هذه الفوائد، فلو نظر إليها دعاه النظر إليها إلى الاعتماد على من أعادها عليه وأسداها إليه دون المخلوقين، ولم يكن ذلك نقصاً في رتبته ولا تنزيلاً عن مقامه، بل ليظهر فيه مظهر مزيد الابتلاء الذي هو وصف الأنبياء عليهم السلام.
(١) رواه عبد الله ابن الإمام أحمد في "زوائد الزهد" (ص: ٨٠)، وابن أبي حاتم في "التفسير" (٧/ ٢١٤٩)