للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خمس مئة من الملائكة مجنبة، وميكائيل في خمس مئة من الملائكة مجنبة، وجاء إبليس في جند من الشياطين ومعه راية في صورة رجال من بني مدلج، والشيطان في صورة سراقة بن مالك بن جعشم، فقال الشيطان: {لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ} [الأنفال: ٤٨]، فلما اختلف القوم قال أبو جهل: اللهم أولانا بالحق فانصره، ورفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يديه فقال: "يَا رَبِّ! إِنَّكَ إِن تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ فَلَنْ تُعْبَدَ فِيْ الأَرْضِ أَبَدًا".

فقال جبريل عليه السلام: خذ قبضة من تراب، فأخذ قبضة من التراب فرمى بها في وجوههم، فما من المشركين أحد إلا أصاب عينيه وفمه، فولوا مدبرين، فأقبل جبريل عليه السلام إلى إبليس لعنه الله، فلما رآه إبليس كانت يده في يد رجل من المشركين، فانتزع إبليس يده، ثم ولى مدبرًا وشيعتُه، فقال الرجل: يا سراقة! ألم تزعم أنك جار لنا؟ قال: {إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ} [الأنفال: ٤٨] (١).

وقال الكلبي رحمه الله تعالى: لما التقوا كان إبليس في صف المشركين على صورة سراقة آخذًا بيد الحارث بن هشام، فنكص على عقبيه، فقال له الحارث: أفرارًا من غير قتال؟ وجعل يمسكه، فدفع في صدره وانطلق، وانهزم الناس، فلما قدموا مكة قالوا: هزم الناس سراقة، فبلغ ذلك سراقة فقال: بلغني أنكم تقولون: إني هزمت الناس؛ فو الله ما شعرت بمسيركم حتى بلغتني هزيمتكم، فقالوا:


(١) رواه البيهقي في "دلائل النبوة" (٣/ ٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>