للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما كان ذلك أشد شيء على الملكين - يعني: الحافظين على ابن آدم أعماله - لأن فمه محل إقامتهما كما في حديث معاذ - صلى الله عليه وسلم -: أنَّ الله تعالى لطف الملكين الحافظين حتى أجلسهما على الناجذين، وجعل لسانه قلمهما، وريقه مدادهما. رواه الديلمي (١).

وكان من حق الملكين أن لا يكونا حيث يكون القذر كسائر الملائكة عليهم السلام؛ فإنهم يتأذون بما يتأذى به بنو آدم كما في الحديث السابق في محله، ولكنهما ملزمان بالحفظ والمراقبة عليه وخصوصأ في لسانه؛ فإنه أسرع الأعضاء حركة، ودليلها الثاني بعد القلب، فلزم إقامتهما لذلك بالفم، واحتملا أذية القذر خشية من التفريط، ولذلك كان السواك مفرحة للملائكة عليهم السَّلام.

وروى البزار ورواته ثقات، عن علي رضي الله تعالى عنه: أنه أمر بالسواك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا تَسَوَّكَ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي قَامَ الْمَلَكُ خَلْفَهُ فَيَسْمَعُ لِقِرَاءَتِهِ فَيَدْنُوْ مِنْهُ - أَو كَلمةً نَحوَهَا - حَتَّى يَضَعَ فَاهُ عَلَى فِيْهِ، فَمَا يَخْرُجُ مِنْ فِيْهِ شَيْء مِنَ الْقُرْآنِ إِلاَّ صَارَ فِي جَوْفِ الْمَلَكِ؛ فَطَهِّرُوا أَفْوَاهَكُمْ لِلْقُرآنِ" (٢).


= "المصنف" (١٣). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (١/ ٢٣٥): واصل الرقاشي وهو ضعيف.
(١) كذا عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٧/ ٥٩٣) إلى الديلمي، ورواه أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" (١/ ٤٢٥) عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه -.
(٢) رواه البزار في "المسند" (٦٠٣) وقال: وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن علي - رضي الله عنه - بإسناد أحسن من هذا الإسناد، وقد رواه غير واحد عن علي - رضي الله عنه - موقوفاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>