قلب العليم، وهي من أشد ما يحيل القلوب ويحولها عن الحق، وقد فشا الرشا الآن في الناس فأعمتهم عن الحق، وقرت لهم عين الشيطان؛ لا أقر الله عينه ولا أعين الراشين والمرتشين.
وليكن هذا آخر ما نذكره من أخلاق الشيطان.
واعلم أن مقصود الشيطان من كل أحد أن يكون شيطاناً مثله ليكون معه في النار كما قال الله تعالى:{إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}[فاطر: ٦].
فأول ما يهون عليه صغائر الذنوب ومحقرها عنده، ويصغر عقابها في رأيه حتى يرتكبها، ثم يوسوس إليه بالتأويلات في ارتكابها مرة بعد أخرى حتى يُصِرَّ، ثم يستدرجه إلى ارتكاب الكبائر حتى ينزع عنه ثوب الحياء، ثم يلقي القسوة في قلبه حتى يكون صَلداً جُلموداً، ثم شيطاناً مَريداً.
كما روى الإمام الحافظ أبو القاسم زاهر بن طاهر في "خماسياته"، وغيره عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَوَّلُ مَا يَنْزِعُ اللهُ تَعالَى مِنَ الْعَبْدِ الْحَيَاءُ، فَيَصِيْرُ مَقَّاتاً مُمقتًا، ثُمَّ يَنْزِعُ مِنْهُ الأَمَانة فَيَصِيْرُ خَائِنًا مخوناً، ثُمَّ يَنْزِعُ مِنْهُ الرَّحْمَةَ فَيَصِيْرُ فَظًّا غَلِيْظًا، وَيخْلَعُ دِيْنَ الإِسْلامِ مِنْ بَيْنِ عَيْنَيْهِ فَيَصِيْرُ شَيْطَاناً مَرِيْدًا، لَعِيْنا مَلْعُوْنًا مُلَعَّناً"(١).
(١) ورواه ابن عدي في "الكامل" (٣/ ٧٥)، وابن عبد البر في "الاستذكار" (٨/ ٢٨٥) وقال: هذا إسناد ضعيف، وخراش هذا مجهول، والحديث بهذا اللفظ لا يعرف إلا من هذا الوجه، والقطعة التي بهذا الإسناد كلها لا يشتغل أهل العلم بها، منكرة عندهم موضوعة.