واعلم أن الصادق المصدوق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أخبر أن من أمارات الساعة أن ينزع من الناس الخشوع والحياء والأمانة، وأخبر في هذا الحديث أن انتزاع هذه الأخلاق الكريمة من المرء تزيد الشيطنة والتمرد، فإذا نزعت هذه الأمور من الناس فإن أمرهم يؤول إلى أن يكونوا شياطين لتقوم عليهم الساعة؛ فمن الشياطين هم شرار الخلق، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق.
وقد روى الطبراني عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "سَيَجِيْءُ أَقْوَامٌ فِيْ آخِرِ الزَّمَانِ وُجُوْهُهُمْ وُجُوْهُ الآدَمِيِّيْنَ، وَقُلُوْبُهُمْ قُلُوْبُ الشيَاطِيْنِ، لا يَنْزِعُوْنَ عَنْ قَبِيْحِ؛ إِنْ تَابَعْتَهُمْ وارَبوْكَ، وإِنْ تَوَاريتَ عَنْهُمُ اغْتابُوْكَ، وإنْ حَدَّثُوْكَ كَذبُوْكَ، وإِنِ ائتمَنْتَهُمْ خَانُوْكَ، صَبِئهُمْ عَارِمٌ، وَشَابُّهُمْ شَاطِرٌ، وَشَيْخُهُمْ لا يَأْمُرُ بِمَعْرُوْفٍ وَلا يَنْهَى عَنْ مُنْكَرٍ، الاعْتِزَازُ بِهِمْ ذُلٌّ، وَطَلَبُ مَا فِيْ أَيْدِيْهِمْ فَقْرٌ، الْحَكِيْمُ فِيْهِمْ حَيْرَانُ، وَالآمِرُ فِيْهِمْ بِالْمَعْرُوْفِ مُتَّهَم، وَالْمُؤْمِنُ فِيْهِمْ مُسْتَضْعَفٌ، وَالْفَاسِقُ فِيْهِمْ مُشَرَّفٌ، السُّنَّةُ فِيْهِمْ بِدْعَة، وَالْبِدْعَةُ فيْهِمْ سُنَّة، فَعِنْدَ ذَلِكَ يُسَلِّطُ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ شِرَارَهُمْ، وَيَدْعُو خِيَارُهُم فَلا يُسْتَجَابُ لَهُمْ"(١).
وقوله:"إِنْ تابَعْتَهُمْ واربوكَ" - بالراء، والموحدة -: من المواربة، وهي المداهاة والمحاتلة والتوريب.
(١) رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (١١١٦٩). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٧/ ٣٢٦): وفيه محمد بن معاوية النيسابوري، وهو متروك.