للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: آخذه عند الغضب، وعند الهوى (١).

واعلم أن الإنسان مهما كان عقله حاكمًا على مدينة إنسانيته، مَلَكَ نفسه عند الغضب والهوى فنجا من الشيطان، وإلا فإن استرسل به غضبه وتابع هواه تابع شيطانه - شاء ذلك أم كره - فمخالفة الشيطان لا تتم إلا بمخالفة النفس، ومهما خالفت النفس فقد خالفت الشيطان، ولذلك قدم البوصيري الأمر بمخالفة النفس على الأمر بمخالفة الشيطان في قوله: [من البسيط]

وَخالِفِ النَّفْسَ وَالشَّيْطانَ وَاعْصِهِما ... وإِنْ هُما مَحَّضاكَ النُّصْحَ فَاتَّهِمِ

وَلا تُطِعْ مِنْهُما خَصْمًا وَلا حَكَماً ... فَأَنْتَ تَعْرِفُ كَيْدَ الْخَصْمِ وَالْحَكَمِ

وأنشد حجة الإسلام الغزالي في "منهاج العابدين": [من البسيط]

إِيَّاكَ نَفْسَكَ لا تَأْمَنْ غَوائِلَها ... فَالنَّفْسُ أَخْبَثُ مِنْ سَبْعِيْنَ شَيْطانا

واعلم أنَّ النفس لا تكون نفسًا مذمومة إلا باتباع الهوى، فبه تكون أمَّارة بالسوء، ومسؤولة، ومطوعة.

وإنما أطلق جماعةٌ من العلماء والعارفون من الصوفية في مقام


(١) رواه ابن المبارك في "الزهد" (١/ ٥١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>