للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على جمر الغضا أحب إليَّ من أن أضطجع عليها (١).

وروى الإمام مالك رحمه الله تعالى عن يحيى بن سعيد: أن عمر ابن الخطاب رضي الله تعالى عنهما جاء (٢) ومعه حامل لحم، فقال عمر: أما يريد أحدكم أن يطوي بطنه لجاره وابن عمه؟ فأين تذهب عنكم هذه الآية {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} [الأحقاف: ٢٠] (٣)؟

وهذه الآية - وإن كانت في الكفار - فقد يخشى ما فيها على المنهمكين في الطيبات من المسلمين كما فهمه عمر وسعد رضي الله تعالى عنهما بأن يسترسلوا في الشهوات المباحة، بحيث إنه كلما أجاب نفسه إلى واحدة دعته إلى أخرى، فيصير إلى أنه لا يمكنه عصيان نفسه في هوى، وينسد عنه باب العبادة التي ثوابها طيبات الجنة، وينفتح له باب المعصية التي عقابها حرمان الطيبات، والنزول من الدرجات إلى الدركات، فلا يبعد أن يقال له والعياذ بالله: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} [الأحقاف: ٢٠].

وقد نبَّهَ على ذلك الحليمي في "منهاجه"، وغيره (٤).

وروى ابن أبي حاتم في "تفسير" عن أبي الأشعث رحمه الله تعالى قال: أوحى الله تعالى إلى داود - عليه السلام - أن القلوب


(١) رواه الحاكم في "المستدرك" (٣٦٩٧).
(٢) في "ت" و"شعب الإيمان": "أدرك جابر بن عبد الله" بدل "جاء".
(٣) رواه البيهقي في "شعب الإيمان" (٥٦٧٢).
(٤) انظر كلام الحليمي في "شعب الإيمان" للبيهقي (٥٦٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>