للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِتْنَةٌ} [التغابن: ١٥] , إِنِّيْ لَمَّا نظَرْتُ إِلَى هَذِيْنِ الْغُلامَيْنِ يَمْشِيَانِ وَيعْثُرَانِ لَمْ أَصْبِرْ أَنْ قَطَعْتُ كَلامِيَ وَنزَلْتُ إِلَيْهِمَا" (١).

وفي رواية ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: إن

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "قَاتَلَ اللهُ الشَّيْطَانَ؛ إِنَّ الْوَلَدَ لَفِتْنَةٌ، وَالَّذِي نَفْسِيْ

بِيَدِهِ مَا دَرِيْتُ أنِّي نزلْتُ عَنْ مِنْبَرِي" (٢).

وفي قوله تعالى في الآية: {وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} تهييجٌ، وإرشاد إلى طلب ما عنده بالإعراض عما به الفتنة، ولذلك أعقبه بقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، وهذا من لطفه سبحانه وتعالى بالمؤمنين؛ إذ لم يكلفهم فوق استطاعتهم من تقواه؛ قال: {وَاسْمَعُوا} أي: الأمر والنهي، {وَأَطِيعُوا}؛ أي: بالائتمار والانتهاء، {وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [التغابن: ١٦]؛ وفيه إشارة إلى أن الافتتان بالدنيا يكون من قِبَل شح النفس، فالفتنة من النفس في نفس الأمر.

قال الله تعالى: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه: ١٣١] أمر بالإعراض عن زهرة الدنيا وزينتها مخافة الفتنة.

وقال الله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الكهف: ٧].


(١) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٥/ ٣٥٤)، وأبو داود (١١٠٩)، والترمذي (٣٧٧٤) وحسنه، والنسائي (١٥٨٥)، وابن ماجه (٣٦٠٠).
(٢) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (٨/ ١٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>