للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتابه العزيز -: {أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ} [النمل: ٥٥].

ثم تسمية الفاحشة ثم قيد الاستمتاع بالنساء بكون المرأة خاصة بالرجل؛ إما بعقد أو بملك بإضافية النساء إلى المخاطبين؛ ألا ترى إلى أول قال: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [البقرة: ٢٢٣]، أي: نساؤكم الخاصة بكم من الأزواج أو الإماء.

وإذا اعتبرت فإن الشهوة إذا تجردت لا تضر، لأنها تلم بالقلب إلماماً، فإن رضيها الشرع قبلها العقل، وإن لم يرضها الشرع ردها العقل، فإن جذبها الهوى من العقل ملكها من حيث لم يأذن الشرع.

فالشهوة لا تذم إلا إن قارنها الهوى، أو استحالت هوى، وعلى هذا يحمل ما جاء في ذم الشهوات كما في الحديث الصحيح: "حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِه، وَالنَّارُ بِالشَّهَوَاتِ" (١)؛ فالشهوة لا تهوي بصاحبها في النار إلا إذا قارنها الهوى، أو صارت هوى.

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - "أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِيْ ثَلاثَة: ضَلالَةُ الأَهْوَاءِ، وَاتِّبَاعُ الشَّهَوَاتِ فِي الْبَطْنِ وَالْفَرْجِ، وَالْعُجْبُ ". رواه الحكيم الترمذي عن أفلح رضي الله تعالى عنه (٢).

واقتصر على الهوى في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي


(١) تقدم تخريجه.
(٢) رواه الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" (٢/ ٢٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>