للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبى أمره بالتحرج والشدة حتى يحرِّم ما ليس بحرام، فإن أبى شكك في وضوئه وصلاته حتى يخرج عن العلم، فإن أبى خفَّفَ عليه أعمال البر حتى يراه الناس صابراً عفيفًا فَيميل قلبه إليهم، ويعجب بنفسه، وبه يهلكه، وعنده يشتد لَجاجه؛ فإنه آخر درجه، ويعلم أنه لو جاوزه أفلت منه إلى الجنة. نقله حجة الإسلام في "الإحياء" (١).

وروى الدينوري في "المجالسة" عن بكر بن خنيس رحمه الله تعالى قال: بلغني أنَّ إبليس اللعين لعنه الله قال: ثلاث إذا وردت على واحدة منهن من ابن آدم فقد قدرت على حاجتي: من نسي ذنوبه، واستكثر عمله، وأعجب برأيه (٢).

فالشيطان يعجبك إلى نفسك، ويعجب نفسك إليك، ويعجب طاعتك لله إليك، فيكون العجب منك - وإن كنت على طاعة - أبلغ من المعصية لو كنت على معصية لأنه يحبط الطاعة.

وفي الحديث "كَفَى بِالْمَرْءِ جَهْلًا أَنْ يُعْجَبَ بِرَأْيِهِ (٣) ". رواه البيهقي عن مسروق مرسلاً، وأبو نعيم عنه عن ابن عمر متصلاً، ولفظه: "إِذَا أُعْجِبَ بِرَأْيِهِ" (٤).


(١) انظر: "إحياء علوم الدين" للغزالي (٣/ ٤٥).
(٢) رواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم" (ص: ٤٥٤).
(٣) في "شعب الإيمان": "بعمله" بدل "برأيه".
(٤) رواه البيهقي في "شعب الإيمان" (٧٤٩) عن مسروق مرسلاً، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (٥/ ١٧٤) لكن عن ابن عمرو - رضي الله عنهما - متصلاً. وقال: غريب.

<<  <  ج: ص:  >  >>