للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْ لَمْ تَكُوْنُوْا تُذْنبُوْنَ لَخَشِيْتُ عَلَيْكُمْ مَا هُوَ أَكبَرُ مِنْ ذَلِكَ؛ الْعُجْبَ الْعُجْبَ". رواه الخرائطي في "مساوئ الأخلاق"، والحاكم في "تاريخه" عن أنس رضي الله تعالى عنه (١).

ولو فتشتت لوجدت أن إعجاب الشيطان برأيه ونفسه هو الذي كان سببًا في طرده وعكسه.

وقد سبق أنه كان من الأخيار، فلما زكَّى نفسه وأعجب بها صار من الأشرار، فهو يود أن جميع بني آدم ضلوا كما ضل، وزلوا كما زل.

فاعلم أن الشيطان - وإن اطمأنت نفسك - لا والله لا يترك إرادتك بكل سوء حتى تفارق نفسك جسدك، بل هو عند موتك أشد إرادة لإضلالك منه قبل ذلك خشية أن تنفلت منه.

وفي الحديث: "إِنَّ الشَّيْطَانَ أَقْرَبُ مَا يَكُوْنُ مِنْ ابْنَ آدَمَ عِنْدَ ذَلِكَ الْمَصْرَعِ" كما رواه ابن أبي الدنيا في كتاب "الموت"، وأبو نعيم (٢).

فلا تغتر بطمأنينة نفسك وإن تحققت الطمأنينة منها، ولو ساغ ذلك


(١) رواه الخرائطي في "مساوئ الأخلاق" (٢/ ١٠٤)، وكذا البزار في "المسند" (٦٩٣٦). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (١٠/ ٢٦٩): رواه البزار وإسناده جيد.
(٢) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٥/ ١٨٦) عن واثلة بن الأسقع - رضي الله عنهما -، وعزاه السيوطي في "شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور" (ص: ٤١) إلى ابن أبي الدنيا عن أبي حسين البرجمي رفعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>