لأحد لم يقل يوسف عليه السلام: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي} [يوسف: ٥٣].
بل ينبغي لكل أحد أن لا يأمن من مكر الله تعالى، ولا يترك الحذر من الشيطان؛ فإنه مترصد له في كل حال.
وقد روى ابن أبي الدنيا في كتاب "الحذر" عن مجاهد رحمه الله تعالى قال: قيل لداود عليه السلام: يا داود! احذر لا يأخذك الله على ذنب، فتلقاه ولا حجة لك.
وقال محمود الوراق رحمه الله تعالى: [من المتقارب]
أَخافُ عَلَى الْمُحْسِنِ الْمُتَّقِي ... وَأَرْجُو لَدَى الْهَفَواتِ الْمُسِي
فَذَلِكَ خَوْفي عَلَى مُحْسِنٍ ... فَكَيْفَ عَلَى الظَّالِمِ الْمُعْتَدِي
عَلى أَنَّ ذا الزَّيْغِ قَدْ يَسْتَقِيْمُ ... وَيَسْتَأْنِفُ الزَّيْغَ قَلْبُ التَّقِي (١)
ولذلك أثنى الله تعالى على الراسخين في العلم بقوله: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (٧) رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران: ٧، ٨].
وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كثيراً ما يدعو: "يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوْبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِيْنِكَ".
قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: يا رسول الله! ما أكثر ما تدعو
(١) انظر: "أدب الدنيا والدين" للماوردي (ص: ١٢٣).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute