الأنبياء - عليهم السلام - يكون لهم مساجد خارجة من قراها، فإذا أراد النبي أن يستنبئ ربه - عز وجل - عن شيء خرج إلى مسجده، فصلى ما كتب له، ثم سأل ما بدا له، فبينا نبي في مسجده إذ جاءه إبليس حتى كان بينه وبين القبلة، فقال النبي عليه السلام: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم - ثلاثاً - فقال إبليس: أخبرني بأي شيء تنجو مني؟
قال النبي: بل أخبرني بأي شيء تغلب ابن آدم.
فأخذ كل منهما على صاحبه، فقال النبي عليه السلام: إن الله تعالى يقول: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ}[الحجر: ٤٢].
قال إبليس: قد سمعت هذا قبل أن تولد.
قال النبي عليه السلام: ويقول الله تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ}[الأعراف: ٢٠٠]، وإني والله ما أحسَسْت بك قط إلا استعذت بالله منك.
فقال إبليس: صدقت، بهذا تنجو مني.
قال النبي: فأخبرني بأي شيء تغلب ابن آدم.
قال: آخذه عند الغضب، وعند الهوى (١).
قلت: ومن هنا أرشدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقول أحدنا عند الغضب:
(١) رواه الطبري في "التفسير" (١٤/ ٣٤). وقد تقدم نحوه لكن عزاه هناك لابن المبارك.