فلما أفاق ذكرنا له ذلك، فقال: أتاني شيطانان عن يميني وعن يساري، يقول أحدهما: مُت يهودياً فإنه خير الأديان، والآخر: مت نصرانيًا فإنه خير الأديان، وكنت أقول لهما: لا لا، أتقولان هذا وقد كتبت بيدي في كتاب الترمذي، والنسائي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الشَّيْطَانَ يَأْتِيْ أَحَدَكُمْ عِنْدَ الْمَوْتِ فَيَقُوْلُ: مُتْ يَهُوْدِيًّا مُتْ نَصْرَانِيًّا"، "فَكَانَ الْجَوَابُ لَهُمَا لا لَكُمْ.
قال القرطبي: لم أجد هذا الحديث في كتاب الترمذي، وأما النسائي فإنه نسخ، فيحتمل أن يكون في بعضها.
وقيل: إن الله إذا أراد أن يثبِّت أحداً عند الموت بعث إليه جبريل عليه السلام.
وقيل: يبعث إليه الرحمة فتقول له: هؤلاء أعداؤك من الشياطين، مت على الحنيفية والشريعة، فما شيء أحب إلى الإنسان وأفرح مِنْهُ، فذلك قوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٨)} [آل عمران: ٨].
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "اللَّهُمَّ إِنَّيْ أَعُوْذُ بِكَ مِنَ الْهَرَمِ، وَأَعُوْذُ بِكَ مِنْ أَنْ يَتَخَبَّطَنِي الشَّيْطَانُ عِنْدَ الْمَوْتِ". رواه أبو داود (١).
(١) رواه أبو داود (١٥٥٢)، وكذا النسائي (٥٥٣١) عن أبي اليَسَر - رضي الله عنه -.