للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد جاء ما يدل على أن إدريس عليه السَّلام أرسل أيضًا، وهو متقدم على نوح عليه السلام، فروى الدِّينوري في "المجالسة" عن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما أنه قال: إن إدريس أقدم من نوح عليهما السَّلام، بعثه الله عز وجل إلى قومه، فأمرهم أن يقولوا: لا إله إلا الله، ويعملوا ما شاؤوا، فأبوا، فأهلكهم الله تعالى. وقد أخرجه ابن أبي حاتم (١).

وأخرج عن السدي أنه قال: كان إدريس عليه السلام أول نبي بعثه الله في الأرض (٢).

وهذان الأثران إن صحَّا فحكمهما حكم الحديث المرفوع؛ فإن مثل ذلك لا يقال رأياً، فهو دليل كاف في إثبات رسالة إدريس، فأما نبوته فإنها ثابتة بالقرآن العظيم.

وإنما اقتصر في شريعة إدريس عليه السَّلام على شهادة التوحيد؛ لأنها تَنهى مَنْ صدَّق بها عن الفحشاء والمنكر كما قال تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} [العنكبوت: ٤٥]؛ أي: أبلغ في النهي عن ذلك.

وأيضًا فإن تقليل الشرائع -وإن كان من باب التيسير والتسهيل-


(١) رواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم" (ص: ٥٦٧)، وانظر: "الدر المنثور" للسيوطي (٥/ ٥١٧).
(٢) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (٥/ ٥٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>