للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِذا تَفَرَّقُوْا عَرَجُوْا، وَصَعِدُوْا إِلَىْ السَّماءِ، قالَ: فَيَسْألهُمُ اللهُ -عز وجل، وَهُوَ أَعْلَمُ -: مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ؟ فَيَقُوْلُوْنَ: جِئْنا مِنْ عِنْدِ عِبَادٍ لَكَ فِيْ الأَرْضِ يُسَبِّحُوْنَكَ، وُيكَبِّرُوْنَكَ، وَيُهَللوْنَكَ، وَيَحْمَدُوْنَكَ، وَيسْألوْنَكَ، قالَ: فَما يَسْألوْنيْ؟ قالُوْا: يَسْألوْنَكَ جَنَّتَكَ، قالَ: وَهَلْ رَأَوْا جَنَّتِيْ؟ قالُوْا: لا يا رَبِّ، قالَ: وَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا جَنَّتِيْ؟ قالُوْا: وَيسْتَجِيْرُوْنَكَ، قالَ: وَمِمَّ يَسْتَجِيْرُوْننِيْ؟ قالُوْا: مِنْ نارِكَ يا رَبِّ، قالَ: وَهَلْ رَأَوْا نارِيَ؟ قالُوْا: لا يا رَبِّ، قالَ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا نارِيَ؟ قالَ: وَيَسْتَغْفِرُوْنَكَ، قالَ: فَيَقُوْلُ: قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ، وَأَعْطَيْتُهُمْ ما سَألوْا، وَأَجَرْتُهُمْ مِمَّا اسْتَجارُوْا، قالَ: فَيَقُوْلُوْنَ: رَبِّ! فِيْهِمْ فُلان عَبْدٌ خَطَّاءُ، إِنَّما مَرَّ، فَجَلَسَ مَعَهُمْ، قالَ: فَيقُوْلُ: وَلَهُ قَدْ غَفَرْتُ؛ هُمُ الْقَوْمُ لا يَشْقَىْ بِهِمْ جَلِيْسُهُمْ" (١).

وروى الطبراني في "معجمه الصغير" عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بعبد الله بن رواحة - رضي الله عنه - وهو يُذَكِّرُ أصحابه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَمَا إِنكمُ الْمَلأُ الَّذِيْنَ أَمَرَنيْ اللهُ أَنْ أَصْبِرَ نَفْسِيَ مَعَهُمْ ثم تلا هذه الآية: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} إلى قوله: {وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف: ٢٨].

"أَمَا إِنَّهُ ما جَلَسَ عِدَّتُكُمْ إِلاَّ جَلَسَ مَعَهُمْ عِدَّتُهُمْ مِنَ الْمَلائِكَةِ؛ إِنْ سَبَّحُوْا الله سَبَّحُوْهُ، وَإِنْ حَمِدُوْا الله حَمِدُوْهُ، وإنْ كَبَّرُوْا اللهَ كَبَّرُوْهُ, ثُمَّ يَصْعَدُوْنَ إِلَىْ الرَّبِّ -جَلَّ ثَناؤُهُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ- فَيَقُوْلُوْنَ: رَبَّنَا!


(١) رواه مسلم (٢٦٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>