كيدهم، وكيد النساء عظيم لأن الباعث عليه الشهوة من قبلهن، ومن قبل من يكدنه؛ فافهم!
وقد يفرق بين المكر والكيد بأن الكيد يكون مع الضعف والقوة، والمكر لا يكون إلا مع القوة.
ومن هنا وصفت النسوة حين قلن عن امرأة العزيز ما قلن بالمكر؛ لأنهن لم يقلن ذلك حتى اجتمعن، وكن كما روي أربعين امرأة، وما كانت واحدة منهن تستطيع أن تقول ذلك لولا تقويهن بالاجتماع.
والكيد في نفسه قبيح، وعاقبته وخيمة إذا كان في التوصل إلى ما لا يرضى به الله من خيانة، أو ضرر لمسلم.
ألا ترى إلى قوله تعالى:{وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ}[يوسف: ٥٢].
وقال تعالى حكاية عن مشركي مكة: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (١٥) وَأَكِيدُ كَيْدًا (١٦) فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا} [الطارق: ١٥ - ١٧].
وقال تعالى: {هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ (٣٨) فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ} [المرسلات: ٣٨ - ٣٩]، أي: كما كنتم تكيدون أوليائي في الدُّنيا.
وقال تعالى:{وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ}[الأعراف: ١٨٣].
وإنما اختير الكيد هنا دون المكر؛ لأن إسباغ النعم عليهم يوهمهم الرضا عنهم، فكان طي النقمة في النعمة أبلغ كيد بأبلغ آية.