للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا سفالة لا تليق بالعظماء والأكابر؛ فلعلهم كانوا يأمرون بذلك من يفعله، كما يفعله الآن في هذه الأمة فسَّاق الحكام، ينهون عن مثل ذلك جهراً ويأمرون به سراً ليختلسوا أموال الناس، كما يفعلون كذلك مع الصاغة والصناع الذين يضربون السكة (١) من مصانعتهم، وموافقتهم على الزَّغَل وزيادة العيار.

وقال زيد بن أسلم رحمهما الله تعالى: كانوا يكسرون الدراهم، وذلك من الفساد في الأرض (٢).

وقيل: كانوا يتبعون عورات الناس ولا يسترون عليهم (٣).

والظاهر أن الفساد أعم من ذلك، وما ذكر بعض أفراده.

وقال في "القاموس": الفساد: أخذ المال ظلمًا (٤).

وقال حكاية عن صالح عليه السلام: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٥٠) وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (١٥١) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (١٥٢)} [الشعراء: ١٥٠ - ١٥٢].

يعني: التسعة رهط؛ لأن الله تعالى وصفهم بذلك في الآية السابقة، وكان الفساد متمحضًا فيهم لا يخالطه شيء من الصلاح، ولا سهم لهم فيه.


(١) أصل السكة: الحديدة التي تطبع عليها الدراهم، ثم قيل للدراهم المضروبة سكة لأنها ضربت بها.
(٢) انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (٣/ ٢٤).
(٣) انظر: " تفسير القرطبي" (١٣/ ٢١٥).
(٤) انظر: "القاموس المحيط" للفيروز آبادي (ص: ٣٩١) (مادة: فسد).

<<  <  ج: ص:  >  >>