للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ نَجَا" (١) لكان جديراً بنا أن نقتحم - والعياذ بالله - ورطة اليأس والقنوط مع ما نحن عليه من سوء أعمالنا.

قال: ومن لنا أيضًا بالتمسك بعشر ما كانوا عليه، وليتنا تمسكنا بعشر عشره، فنسأل الله تعالى أن يعاملنا بما هو أهله، وأن يستر علينا قبائح أعمالنا كما يقتضيه كرمه وفضله، انتهى (٢).

وهذا الذي قاله رضي الله تعالى عنه لا يتوصل إلى فهمه الآن كما فهمه إلا بقوارع الوعيد لمن وفقه الله تعالى، ونبهه لإيرادها على نفسه الأمَّارة بالسوء حتى تنزجر عن الطغيان والجبروت.

وقد روى الترمذي وحسنه، وغيره عن سلمة بن الأكوع رضي الله تعالى عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يَزَالُ الرَّجُلُ يَتَكَبَّرُ وَيَذْهَبُ بِنَفْسِهِ حَتَّىْ يُكْتَبَ فِي الْجَبَّارينَ، فَيُصِيْبَهُ مَا أَصَابَهُمْ" (٣)؛ أي: من العذاب والفتنة والهلاك.


(١) قال العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء" (٢/ ٩٥٩): رواه الإمام أحمد من رواية رجل عن أبي ذر.
ولفظه عند الإمام أحمد في "المسند" (٥/ ١٥٥): عن أبي ذر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنكم في زمان علماؤه كثير خطباؤه قليل، من ترك فيه عشير ما يعلم هوى، وسيأتي على الناس زمان يقل علماؤه ويكثر خطباؤه، من تمسك فيه بعشر ما يعلم نجا".
(٢) انظر: "إحياء علوم الدين" للغزالي (٣/ ٣٤٩).
(٣) رواه الترمذي (٢٠٠٠) وحسنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>