فهو محمول على أن يأجوج ومأجوج كانوا بعدهم، أو في زمانهم لما رواه أبو بكر بن مردويه عن عبيد بن عمير: أن ذا القرنين حج ماشياً، فسمع به إبراهيم عليه السلام، فتلقاه (١).
فهذا الأثر يدل على أنهم كانوا وقوم لوط في زمان واحد؛ فإن إبراهيم عليه السلام بقي زمانًا بعد هلاك قوم لوط.
ولا يَرِدُ على ذلك ما ذكر في الأثر مما يدل على أن يأجوج ومأجوج أمتان قديمتان لأنا نقول: إنهم - وإن تقدموا قوم لوط زمانًا - فإن هذا الفساد لم يكن منهم حتى فعله قوم لوط.
وعلى ما ذكره وهب في تفسير قوله تعالى حكاية عن القوم الذين وجدهم الإسكندر ذو القرنين: {قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (٩٤)} [الكهف: ٩٤]: هذه إشارة إلى أن من غلب عليه عمل قوم لوط إذا لم يهلكه الحد أو يصلحه فينبغي أن يُهجر، ويطرد، ويحبس عن مخالطة السالمين من ذلك لئلا يفسدهم؛ ألا ترى أن ذلك كان سبباً لسد ذي القرنين على يأجوج ومأجوج؟
ومن هنا قال إمامنا الشافعي رضي الله تعالى عنه بتعذيب اللوطي كالزاني.
(١) رواه الفاكهي في "أخبار مكة" (١/ ٣٩٤)، وأبو الشيخ في "العظمة" (٤/ ١٤٧٩).