والمكس ظلم مرتب على شيء لم يرتبه الشرع، فيدخل في ذلك ما يأخذه القاضي من أحد الخصمين وإن لم يكتب له صكاً، وقد نوَّعوه وأحدثوا له أسماء كحجة الدعوى، وحجة الكفالة، وحجة الوكالة، وأجرة المقدم، والخدمة، فرتبوه على أمور أحدثوها لا يوافقها الشرع ربما سموه محصولاً.
ومن ذلك أن القاضي يأخذ ممن استحق وصية من ميت ثلث ما يأخذه، وربما أخذوا لخدامهم غلمانية، أو صبيانية، أو أمانة، أو مهردارية، وصارت هذه الأمور متعارفة عندهم لا ينكرونها.
وكذلك ما يأخذه القضاة رسماً على الأنكحة ومحاسبة على مال اليتيم وقسمه.
والذي يقره الشرع من ذلك ما كان في مقابلة القسمة بين الورثة الطالبين لها، أو لو كان فيها يتيم ولم يطلب الباقون فيأخذون أجر مثله ممن يقسم له، وكذلك أجرة مثل محاسبته لو حاسب بالطريق المذكور، فأما ما يؤخذ للقاضي والمباشر لذلك نائبه فلا أعرف لأخذهم له وجهاً، وكذلك ما يؤخذ للوالي من الديات، ويسمونه عشر الدم، بل ربما أخذوه من أهل المحلة أو القرية التي يقتل فيها القتيل عمداً أو خطأ، أو من أهل القتيل.
وأقبح منه ما يأخذه القاضي كشفاً، ويتجاوزون فيه، وإنما يباح منه أجرة مثل الكاشف ممن طلب الكشف، وما يؤخذ للوالي أيضاً من الزاني، أو السارق، أو الشارب ولو بالتهمة، أو من كل مَن عزَّره