للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَلَكِنْ كَذَّبُوا}؛ أي: وعصوا {فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٩٦) أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (٩٧) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ}؛ أي: فدعاهم الأمن إلى التمادي في الغرور والضلال ليلاً ونهاراً.

{أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف: ٩٦ - ٩٩].

ووضع الظاهر موضع المضمر تفخيمًا وتهويلاً لأمر الأمن من المكر.

قال هشام بن عروة: كتب رجل إلى صاحب له: إذا أصبت من الله شيئاً يسرُّك فلا تأمن أن يكون فيه مكر، وإنّه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون. أخرجه ابن أبي حاتم (١).

ثم قال تعالى محذِّراً لهذه الأمة من مثل ما نزل بالأمم: {أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ} [الأعراف: ١٠٠].

ونقل البغوي عن قتادة، ويعقوب أنهما قرءا: (أوَلم نهد) - بالنون - (٢).

والمعنى - والله أعلم -: أوَلَم يتبين لمن وَرِثوا الأرض بعد الأمم الهالكة بسبب التمادي في المعاصي - والوارثون هم هذه الأمة -


(١) رواه ابن أبي حاتم في "التفسير" (٥/ ١٥٢٩).
(٢) انظر: "تفسير البغوي" (٢/ ١٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>